Friday, April 4, 2008

ساعة يد




فى حافظتها الزجاجيه الثمينه تغفو فى إنتظاره..ه
تفكر فيه ، تشتاق إلى ضم معصمه ، ملازمته فى غدواته وروحاته
تبذل كل طاقتها المحدوده فى الحفاظ على هيئتها و زيادة رونقها فقط لانها ترجو أن تكون الأجمل فى عينيه ..ا
يد تمتد لتحملها بحافظتها الزجاجيه .. تملؤها نشوة الإرتقاب وتتمنى أن يكون هو
أخيرا تنفتح حافظتها الزجاجيه .. تمتد كف لتحملها وما أن تمسها الكف حتى تغمرها السعاده

إنها حتما يديه .. تميزهما جيدا ، رائحة العطر الأسر ، ملمس يديه الناعم الأنيق.. إنه هو لا محال
يضعها برفق حول معصمه الأخر ..يغلق مكبسها ويبعد يديه عنها، تزداد حماستها
تقضى اليوم معه سعيدة بضم معصمه .. تكتفى منه بنظرات مقتضبة ، لا مباليه لا بهدف غير معرفة كم مر من الوقت ولكنها تكتفى بتلك النظرات الشاردة الغير عابئه ..
كثيره هى اللحظات التى أمضتها فى حافظتها الزجاجيه دون أن يرمقها أو يحملها أو يصطحبها معه ،

وكثيره هى المرات التى أضاعها فيها بين حاجياته ، وعديده هى المرات التى نسيها لدى رفاقه
ولكنها مع إهماله فيها ، وعدم إكتراثه لها تحبه بشدة .. لاتعرف لها صاحب غيره ..ولا ترضى لنفسها دونه

فى المساء إصطحبها معه إلى أحد حفلاته المسائيه التى يتظاهر فيها جميع الحضور بأثمن ما يملكون
تمنت لو أن بإمكانها تغيير خواصها لتصبح الأفضل على الإطلاق فقط لتكون مصدر فخر له..
فى الحفل الصاخب لم يكن يعيرها إهتماما وكانت عينيه الطامعتان تتابع ما يملكه الغير
وينبض قلبه المريض بعدم الرضا على ما بيديه ..
فى وسط الحفل أثنى أحد الحاضرين على ساعته الأنيقة والتى يرى أنها ولابد أن تكون ثمينه .. كادت تطير سعادة ، فقط لأنها أصبحت كما تتنمى دائما مصدر فخر له

ولكن عدم إكتراثة لها وإستمراره فى إهانتها بنظراته الطامعه فى ما فى أيديهم ،ونفسه الساخطه على ما بيديه جعلها تفقد حماسها
تكاثرت كلمات الثناء عليها من أغلب الحاضرين، والتى أصبحت بمرور الوقت لا تزيدها إلا خبوا وحزنا
وفى خضم انصرافه عنها ، كانت العيون الطامعه تلاحقها ..حتى أن أحد لصوص الحفل حاول أن ينتزعها من يديه عنوة ، وقتها إزدادت تشبثا بمعصمه رفعت أصوات دقات عقاربها حتى إستحالت صراخا مستغيثا دون أن يلتفت اليها ..لقد كان مشغولا بغيرها ، ولم يلتفت الى اللص إلا عندما ازدادت حركاته عنفا فى مواجهة صمودها .. فإعتذر له وادعى أن الزحام هو السبب ، فلم يزد على أن هز رأسه وإنصرفا مبتعدا

للمرة الأولى منذ إقتناها يجتاحها هذا الشعور ، تمنت بصدق أن يخلعها من يديه ..يحررها من قبضته

زادت من سرعة عقاربها حتى يمر الوقت وينتهى اليوم ..
وفى غرفته خلعها و كالعاده ألقاها بإهمال على الكمود بجانب فراشه
شعرت بالقليل من الراحه أخيرا بعيدا عن معصمه ..
أغلق نور الابجور وغط فى نوم عميق
أما هى فكانت تعانى من أثار الاّّّّّّم الليله ..ا

محاولة السرقه ألمتها بشدة ، فمكبسها الذى يجعلها محكمة الغلق حول معصمه قد تضرر
إلا أن ما كان أشد تضررا هو شعورها تجاهه ..


أصبحت تتبرم من إهماله لها ، عدم إكتراثه بها ، شعوره بأنها ليست جيدة كفايه على الرغم من إثناء الجميع عليها ، طمعه فى غيرها الذى أعمى عينيه عن طمع غيره بها
أصبحت لا تحتمل لمسة يديه .. ضم معصمه ..رائحة عطره ،
قررت أن تلفت إنتباهه إلى ما أل اليه حالها بشتى الطرق دون طائل
أعلنت العصيان و أوقفت دقاتها ، توقفت عن مقاومة أثار الزمن والإهمال عنها فأصبحت أشبه بخردة أوشكت على البلاء
كانت تزداد حزنا وشحوبا كلما إزداد إعراضه عنها ..

فى أحد الأيام إستيقظت لتجد نفسها بين يديه ..
كانت تعتقد أنها تلفظ أنفاسها الأخيره إلا أن نظرته اليها بهذا التمعن كانت الأولى منذ يوم إشتراها .. سرت فى أوصالها قوة شجعتها على البقاء .. ضربت عقاربها إعلانا عن الرضا ولكن وقبل أن يرى هو دقاتها كان قد ألقاها من يديه وإنصرف عنها

إصطدمت بعنف فى القاع بين خردوات معدنيه باليه
لقد باعها بخسا لبائع خرده!!
كانت بحق أقوى صدماتها على الإطلاق تمنت لو أن يشفق عليها تاجر الخرده ويصهرها فيحيلها لكيان أخر تتحرر به من ذاتها الذليلة
ظلت على هذا الحال زمانا .. تكابد الموت ثوان لا تحصى

فى أحد الأيام تحسست يد جديدة تلمسها ، تحملها برفق ، تزيل عنها الغبار ..لمسات نسيت طعمها منذ زمن بعيد .. بل و رفق ، عناية ، رضا لم تذقهما من قبل

دفع الرجل النبيل ما كان بحوزته من سنتات للتاجر الطامع الذى بالغ فى ثمنها عندما لمس تعلق الشارى بها ، إلا أن الشارى النبيل أدرك جيدا أنه لو دفع عشرة أضعاف ما دفع فإنه لن يوفيها ثمنها الحقيقى

فى حفل تتويج الساعة الأفضل بالمدينة كانت تضم معصم صديقها الجديد
وهى تبدو أكثر تألقا من يوم صنعها
مكبسها محكم الغلق ، عقاربها الذهبيه تبرق من السعادة ، ثوانيها ودقائقها تعبر بدقه وثقة ..
إحساس صديقها العطوف المحب بالرضا عنها جعلها بحق الأكثر إشراقا
صافح جميع الحاضرين فخورا بها .. من بين أياديهم وجدت يديه هو .. صديقها القديم لا محال ، من الصعب أن تنسى هاتان اليدان بكل ما فعلته بها
عطره الأسر لا زال يفوح منه ، وحول معصمه كانت تلتف ساعة أنيقه يملؤها الزهو، تصدر بريقا يأخذ بالأبصار
الا أن عينيه وقلبه كانا زائغان عنها كعادته مشغولان بما فى يد الغير

ومن بين ساعات الحفل لفتت إنتباهه تلك الساعه الأنيقه التى يشع وجه صاحبها فخرا وإعتزازا بها
نظر اليها كما لم يفعل من قبل .. وأطال النظر حتى خشيت أن يتعرف عليها
تحدث قليلا مع صاحب الساعه حديث أسعدها وأوجعها ، تصافحا مجددا وانطلق كل فى طريق

فى ختام الحفل تم الإعلان عن الساعه الفائزة كانت الساعة البراقة لصاحبها الذى تعرفه جيدا
للحظة شعرت الساعة بالحنق على ذاتها لأنها لم تستطيع أن تجلب لصاحبها النبيل السعاده والفخر كما أغدقهما هو عليها
مال الصديق العطوف عليها ، وكأنما سمع ما يجول بخاطرها ..
قبلها و همس إليها قائلا : "سأظل أنا الرابح الأكبر دائما لأنى إقتنيتك"ّّا

ضمت معصمه حبا وعرفانا كما لم تفعل من قبل .. تمنت لو ظل يرتديها أبدا ويحيطها بحبه، حرصه، ورضاه
عند بوابة الخروج إلتقاهما صاحب الساعة الفائزة .. وصاحبها القديم ، أخبرهما فى سعادة أنه قد إنتهى لتوة من صفقه رابحه باع فيها ساعته الفائزه
وعرض على النبيل صفقه جديده يشترى فيها ساعته الأنيقه مقابل ما كسبه من مال فى صفقته الأولى
تعجب صاحب الساعه النبيل وسأله "ألم تخبرنى فى بداية الحفل أنك كنت تملك ساعة مشابهه والقيتها بيديك فى القمامه؟"؟
فأخبره أنه لم يدرك من قبل كم أن "هذا النوع من الساعات يروق له
:إعتذر الصديق النبيل بشدة عن بيع ساعته قائلا
هى بالنسبة لى أكثر من مجرد ساعة تروقنى ..
هى بحق أثمن ما حدث لى يوما"ا"